أصدر البنك الجزائري و في خطوة تهدف إلى وضع حد للتجاوزات المسجلة في المنحة السياحية، تعليمة جديدة موجّهة إلى البنوك والمؤسسات المالية المعتمدة، تتضمن إجراءات صارمة لضبط العملية ومنع استغلالها بطرق غير قانونية، بعد تسجيل حالات متكررة لما بات يُعرف بـ “التحايل في صرف العملة”.
وتأتي هذه الإجراءات في سياق سعي السلطات النقدية إلى حماية احتياطات البلاد من العملة الصعبة، وضمان وصول هذا الامتياز إلى مستحقيه الحقيقيين، بعيداً عن الشبكات التي استغلت الثغرات التنظيمية لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
حساب بنكي إلزامي لطالب المنحة و التدقيق في هوية المستفيد
أكد البنك المركزي في تعليمة رسمية، أصدرها أمس 15 ديسمبر، أن الاستفادة من حق تغيير العملة باتت مشروطة بامتلاك طالب المنحة السياحية، حساباً بنكياً شخصياً لدى البنك المودع لديه الطلب، مع إلزام المؤسسات البنكية بتطبيق إجراءات اليقظة المعمول بها، لا سيما ما يتعلق بمعرفة الزبون، والتحقق من هويته، ومدى انسجام العملية مع وضعه المالي، و يهدف هذا الإجراء إلى وضع حد لممارسات سابقة لجأ فيها بعض الأشخاص إلى طرق ملتوية للاستفادة من المنحة السياحية و إعادة بيعها بالسوق السوداء، ما فتح الباب أمام عمليات مضاربة وتحايل أضرت بالنظام المالي.
إستخدام وسائل دفع مصرفية و منع التسديد نقدا
ومن بين أبرز المستجدات التي تضمنتها التعليمة، منع تسديد المقابل بالدينار الجزائري نقداً، وإلزام المستفيدين باستخدام وسائل دفع مصرفية فقط، مثل البطاقة البنكية أو الشيك أو غيرها من الأدوات المعتمدة. و يرمي هذا القرار إلى تعزيز قابلية تتبع العمليات المالية وضمان الشفافية الكاملة في مسار منح العملة الصعبة، بما يسمح للبنوك والجهات الرقابية برصد أي حركة مشبوهة أو غير مبررة.
عقوبات صارمة للمتحايلين مع إسترجاع المبلغ
كما شدد البنك المركزي على أن المستفيدين الذين يقيمون في الخارج لمدة فعلية تقل عن سبعة أيام، ملزمون بإرجاع كامل مبلغ المنحة السياحية التي حصلوا عليها، تحت طائلة الحرمان من حق تغيير العملة لمدة خمس سنوات، دون استبعاد المتابعة القضائية، وفقاً للتشريعات السارية المفعول. و تعكس هذه العقوبات توجه السلطات إلى اعتماد سياسة الردع الصارم في مواجهة كل أشكال التحايل، خاصة في ظل تزايد محاولات الالتفاف على القوانين المنظمة لصرف العملة.
تنظيم القطاع لحماية الإقتصادي الوطني
ويؤكد متابعون للشأن المالي أن هذه الإجراءات تندرج ضمن رؤية أوسع تهدف إلى تنظيم عمليات الصرف، وتحقيق توازن بين تمكين المواطنين من حقوقهم أثناء السفر، والحفاظ على استقرار المنظومة المالية الوطنية. كمما تُلزم التعليمة البنوك بالتقيد الصارم بأحكام التعليمة رقم 05-2025، لا سيما المادة العاشرة منها، والتأكد من القدرة المالية الحقيقية للمستفيدين، بما يضمن استخدام التخصيص السياحي في إطاره القانوني فقط.، و بهذه الخطوات، يوجه البنك المركزي الجزائري رسالة واضحة مفادها أن التخصيص السياحي حق منظم وليس مجالاً للتحايل أو المضاربة، وأن الدولة ماضية في تشديد الرقابة لحماية المال العام وضمان عدالة الاستفادة، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى ترشيد استعمال العملة الصعبة وتكريس الشفافية في المعاملات المالية.
